على الرغم من رؤية الصفر في طرد الأسر ذات الاطفال من سكنهم- يَنّي وأطفالها يُطردون من السكن
تبلغُ مساحة الغرفة التي تعيش فيها يَنّي مع أطفالها 12 متراً مربعاً وهي مزدحمة، ولا يوجدُ فيها سوى مكان للأسِرَّة، حيثُ تجتمعُ بأطفالها الثلاثة، المكان الوحيد للقيام بالواجبات المنزلية. والمرأة التي يستأجرون منها الغرفة تُدخِّن السجائر في المنزل وتشرب الكحولَ كثيراً، حيثُ تتكدّسُ اكياسُ قمامة سوداء مليئة بعلب بيرة فارغة، على طول الجدران بجوار مكان تناول الطعام.
هذا هو حال يَنّي واطفالها، فقد عاشوا لسنوات عديدة بالشكل هذا، كما تقول، حيثُ لم يكن بإستطاعتها تحمل تكاليف ايجار مكان آخر بالقرب من الحضانة والمدرسة، وتشعرُ بأنها على وشك الاستسلام.
الموظفون في المدرسة قاموا ايضاً بالتنبيه، على أنَّ ابنتها تواجه صعوبة في التركيز، ”إنها حزينة للغاية، و على وشك الإصابة بالاكتئاب وتقول إنها لا تعتقد أن الحياة تستحق العيش”. في الوقت نفسه، قضت إحدى المحاكم بضرورة تلقي الأسرة مساعدة في الإسكان من الخدمات الاجتماعية، و ينتقد أمين العدالة (JO) لجنة المقاطعة لكونها كانت تتعامل بسلبية تامة – كما تقول- وأنّه فقط، عندما يتصل صاحب عملها باللجنة، تحصل على المساعدة.
الآن، بعد سنوات عديدة، يواجهون نفس الهاوية، فعند محاولتهم الوقوف على اقدامهم مرة أخرى تُخيِّبُ دائرة الخدمات الاجتماعية أمل الاطفال من جديد، حيثُ سيتمُّ طرد العائلة من جديد.
وتوجدُ في مدينة ستوكهولم إرشادات، حول من المفترض أن يتلقى المساعدة في السكن، والأسر ذوي الأطفال تعتبرُ ”فئة مستهدفة ذات أولوية”، وتنصُّ توجيهات شركات المدينة على أنه ”لا ينبغي طرد عائلات لديها أطفال أو العيش في ظروف سكنية غير مستقرة”، ليس ذلك فحسب، فوفقاً للمجلس الوطني للصحة والرعاية الاجتماعية، يتوجب على البلدية تقديم الدعم لضحايا التعنيف كي يتمكنوا من الحصول على منزل دائم جديد.
لكن البلدية لا تأخذ بعين الاعتبار اليوم، حقيقة تَعرُّضَ يَنيّ والأطفال للتعنيف، ورؤية الصفر لعمليات إخلاء العائلات التي تملكُ اطفالً لا تُحدث أيّ فرق بالنسبة لهم.
وجاء هذا بالتحديد، على الرغم من حقيقة سبب السماح ليَنّي واطفالها بالانتقال إلى شقة تدريب في يونيو 2018، لانهم تعرضوا للعنف وما زالت لديهم ديون إيجارات كبيرة.
هيم اوك هيرا التقت بيَنّي خارج المبنى ذو اللون الأصفر الفاتح، وبالطوابق المتعددة، الذي أصبح نقطة استقرارٍ ثابتة للعائلة في السنوات الأخير، هنا حصلَ الأطفال على الأمان وعلى أصدقاء جدد.
– لقد تغيرت الحياة تماماً منذ أن انتقلنا إلى هنا، تقول يني: فالشقة تعني كل شيء بالنسبة لنا.
لقد حصلوا على الشقة من خلال مساعدة من الخدمات الاجتماعية، التي استأجرتها بشكل ثانوي من شركة Stockholms stad، والتي بدورها تؤجر من شركة الإسكان Svenska Bostäder.
تعرّضتْ يني للتعنيف لفترة طويلة من قبل زوجها السابق.
– عندما بدأ يشرب، أصبح عنيفاً ومُهدِدّاً، كانَ يستولي على اموالي لتمويل عاداته في تناول الكحول، و لم أستطع دفع الإيجار أو الفواتير، و لم أجرؤ على فعل أي شيء سوى إعطائه النقود وإلا فقد اتعرضُ للضرب.
وحُكم على الرجل بالسجن بتهمة ”الاعتداء الجسيم على المرأة”.
أدى إدمانهُ إلى ديون إيجار لا تزال تسددها، وأوضحت أنه عندما مات بسبب الإدمان، تحولتْ ديون الإيجار بالكامل اليها.
وتعمل حالياً كممرضة أسنان جراحية، وتتلقى حوالي 20 الف كرون شهرياً بعد الضريبة، ما يشكل صعوبة في دفع إيجار بعقد ثانوي بقيمة 15 الف كرون، وهو مبلغٌ طبيعي لأي شقة ذات ثلاثة او أربعة غرف.
– لدي حجز على دخلي لذا فهم يأخذون قدر ما يستطيعون، و نحن نعيش على الحد الأدنى من الكفاف، و أعلم أنه يجب علي سداد الديون حتى أتمكن من الحصول على عقد مباشر، تخبرنا يَنّي.
اليوم، تقول الخدمات الاجتماعية أنَّ يَنّي واطفالها ل ينتمونَ إلى الفئة المستهدفة في الحصول على سكنٍ دائم، ولكن في رسالة بريد إلكتروني أرسلوها في عام 2015، تمَّ كتابة العكس، وأنَّ فكرة حصولهم على الشقة الحالية هي سداد ديون الإيجار السابقة وتحويل العقد اليها والاستحواذ على الشقة، إذا تمَّ دفع الإيجار بدون ديون ملاحظة.
وفي رسالة بريد إلكتروني أخرى من عام 2019 نصّت على ما يلي: ”أمامك حوالي 3 سنوات للتخلص من ديون الإيجار ويمكننا الاستمرار بهذه الطريقة للحصول على عقد مباشر”، الامرُ جعلها تُصدِّقُ في الأمر.
لكن في أبريل 2020، علمت أنَّ الخدمات الاجتماعية لا تريدُ منها البقاء في السكن.
– حسناً، إذا لم أدفع الإيجار أولم اتحمل المسؤولية، لفهمتُ الأمر، و لكن عندما نفذتُ كلّ ما قالوا لي به وفكرة اخلائي ما زالت مستمرّة؟ إنني لا أفهم كيف يمكنهم فعل ذلك.
وترغبُ البلديةُ الآن نقلَ الأطفال مرة أخرى إلى سكن مؤقت، حيث سيتعين عليهم قريباً الانتقال من السكن الجديد مرة أخرى، و يتم توفير سكن مؤقت للأسرة، ويقعُ كلا السكنين في الجانب الآخر من المدينة، اي أكثر من ساعة بالمترو بالنسبة لطفلها البالغ من العمر 11 عاماً، و إذا كان سيتمكن من البقاء في مدرسته، الّاّ أنَّ الأطفال لا يستطيعون التعامل مع التغييرات الوضع هذا، من جانبهم، كتب العديد من الأطباء أن الخطوة، تغيير المدرسة، للانفصال عن الأصدقاء والأمان في المنطقة يشكل خطورة عليهم.
تكتب طبيبة نفسية عن سلوك الإيذاء الذاتي للابنة ووصفته بأنه ”غير مقبول” أن تفقد الأسرة منزلها.
في الوقت نفسه، تُظهر الأرقام الصادرة عن مصلحة الجباية لهيم اوك هيرا أن الأسرة ليست وحدها، وتصاعدت عمليات إجلاء العائلات التي لديها أطفال خلال العام الوبائي 2020 في مقاطعة ستوكهولم وأيضاَ في مدينة ستوكهولم. ففي مقاطعة ستوكهولم، هناك ثلاث عشرة حالة طَردت فيها البلديات نفسها أسراَ ذوات أطفال في السنوات الأخيرة.
يوضح يوران فالدين، المحامي في جمعية المستأجرين في ستوكهولم، أنّ وضع يَنّي لم يتغير، ولا يزال يحقُّ لها الحصول على مساعدة سكن بسبب وضعها الخاص والأولاد، الذي حكمت به المحكمة الإدارية في عام 2014.
– قد يتساءلُ المرء ما الذي يجعل Stockholms stad تختار مثل هذا الإجراء الصارم مثل طرد يني والأطفال، لم يتم الإبلاغ عن الأسباب، كما يقول.
كما لا يبدو أن مدينة ستوكهولم قد استوفت شروط المصالح الفضلى للأطفال أو أنه تم إجراء أي تقييم لتأثر الطفل قبل أن تتخذ البلدية قراراً.
كتبت إدارة منطقة فاشتا أن تحقيقهم يُظهر أن يني قادرة تماماً على حل وضعها السكني بمفردها، وعندما تتقدم إدارة المقاطعة بطلب الإخلاء إلى محكمة المقاطعة ، فإنها تريد إخلاءً فورياً، وتعتبر محكمة المقاطعة أنها ضربةٌ شديدة بحقِّ الأطفال وفي الوقت نفسه تختارُ اتباع خط المقاطعة بخلاف ذلك.
لذلك، بضربة واحدة، خسرت يني منزلها وحصلت على دين جديد يزيد عن 40 الف كرون كتكاليف قانونية.
– الآن الخدمات الاجتماعية هي التي تطرد أسرة لديها أطفال، أنا لا أفهم كيف يمكن السماح بذلك، كانت الفكرة هي مساعدتني وليس الإطاحة بي، كما تقول.
اختار المدراء المسؤولون في إدارة منطقة Farsta، على الرغم من المحاولات العديدة من هيم اوك هيرا الاتصال بهم، عدم الإجابة على الأسئلة حول سبب طردهم ليني وأطفالها.