طرد الاطفال الذي ليس في الحُسبان- ولهذا تبدو الإحصائيات جميلة
تحلُّ غيومٌ رمادية في سماء يوم الأربعاء، ودراجة ملونة ثلاثية العجلات بلاستيكية تقف على العشب الرطب خارج شقة في مدينة أوريبرو.
مالك الدراجة في الحضانة، كما لو أنه يوم عادي.
إنها قبل التاسعة صباحاً بقليل حيثُ يُقبل شخصين من موقف السيارات. توقفا خارج حدود الشقة، و الستائر في المنزل لا تزال مستورة وأحدهما ينظر إلى ساعته.
الآن
التاسعة.
بالضبط.
كلُّ ما كان عادياً هذا الصباح ، سيصبح من الآن فصاعداً شيئاً مختلفاً تماما.
غيضُ من فيض
وتفيدُ الرؤية الصفرية في السويد بعدم طرد الأطفال من منازلهم.
وتحولت اتفاقية حقوق الطفل الى قانونٍ في السويد وينصُّ على أنَّ الأطفال يجب أن يكونوا في المِحور عند إتخاذ مؤسسات الدولة لقراراتها.
و الرغم من ذلك -وبحسب سلطة الجباية التنفيذية- فقد تمَّ تنفيذ 298 عملية طرد العام الماضي تضرر منها 572 طفلاً، و يُعتبرُ هذا هو أعلى رقم منذ عشر سنوات.
وتُعتبرُ إحصاءات الجابي الحكومي غيضٌ من فيض .
فالشخصان اللذان يسيران في الممر الإسفلتي باتجاه الباب هما مفتشان في سلطة الجباية التنفيذية، يعبران الدراجة البلاستيكية الملونة، ويرنّان على جرس الباب، يطرقانه، دون أن يفتح الباب أحد.
تعيش في الشقة وردة علي أحمد مع أربعة أطفال قاصرين وطفل بالغ وحفيد.
كأم عزباء، تقلصت مساحة عملها عندما تفشى وباء كورونا وكان لابد من اتباع القيود آنذاك.
ومثل العديد من النساء المولودات في الخارج ، فقدت وظيفتها أثناء الوباء، ولسوء حظها أصيبت بحالة اكتئاب بسبب تعرضها لعملية سطو وسلب للمال وللمجوهرات.
وفي الموقف هذا أصبح من الواضح بالنسبة لها أن تقوم برعاية المنزل والأطفال ولوحدها، ولم تستطع دفع الإيجارات، و كان التقدم بطلب للحصول على دعم الدخل صعبا.
– طلبوا مني اوراقاً كثيرة ونماذج لم أفهمها في اسوأ حالاتي، ولكني حصلت بعدها على المال بمساعدة من العائلة والأصدقاء، ودفعت الديون ظناً مني أنَّ الأمر كافيا لبقائي، تقول وردة.
ولكن الأمر فات بمجرد سدادها للديون، حيثُ تم بالفعل اتخاذ قرار الإخلاء.
وردة علي أحمد تتحدث من النافذة إلى مفتشي سلطة الجباية التنفيذية.
فجأة تفتح نافذة المطبخ وهناك تقف وردة.
يطلب المفتشان من وردة فتح الباب لكنها ترفض. ترفع يديها إلى السماء وتناشد المفتشين.
المحادثة في النافذة أدت بشكل غير متوقع إلى تأجيل انتقالها لمدة أسبوع.
أُجبرت على الانتقال – لكنها لم تُطرد
خلال الأسبوع الحالي، حصلت ابنة وردة البالغة على عقد عبر Örebrobostäder في جزء آخر من Vivalla.
وتغيرت الأدوار بعدما اضطرت وردة للانتقال للعيش مع أطفالها القاصرين لدى ابنتها وحفيدها.
أجبروا على الانتقال ولم يتم طردهم رسميا.
وهذا يعني أنه سوف لن يتم تضمينهم مع الأطفال القاصرين في إحصاءات عمليات طرد الأطفال في عام 2022 على الرغم من حقيقة أنهم جميعا أُجبروا على الانتقال ضد إرادتهم.
وهذا يعني أيضاً أن بلدية أوريبرو تقترب من الرؤية الصفرية في إحصائيات سلطة الجباية التنفيذية حول عدد الأطفال الذين تم طردهم عند تلخيص إحصاءات عام 2022.
شارك ما مجموعه 1131 طفلاً في قضايا الطرد التي تم استرجاعها في عام 2021، ولا أحد يعرف عدد الأطفال الذين ما زالوا مجبرين على الانتقال.
– يدفع كل من سلطة الجباية التنفيذية ودائرة الخدمات الاجتماعية العائلات إلى الانتقال قبل الموعد المحدد. وإذا تم احتساب كل من أُجبر على الانتقال، فسيكون الرقم أعلى بكثير من الإحصائيات الرسمية. الشيء الوحيد الذي تقيسه الإحصائيات حقاً هو ما إذا كان الجابي الحكومي قد اتخذ إجراءً أم لا، تقول تقول بيا كيلبوم، الباحثة في جامعة لينشوبينغ.
فعلى سبيل المثال أنَّ الأسرة التي انتقلت قبل تاريخ محدد تاركةً صندوقاً واحداً لنقل اغراضها، يتم احتسابه طرد بسبب تحمل المسؤول مسؤولية الطرد، بينما الأسرة التي انتقلت ولم تترك خلفها شيئاً، تعتبرُ معفية تذكرُ على انه تمّ النداء بها.
بيا كيلبوم، باحثة في جامعة لينشوبينغ.
وأفرغت ردة الشقة، و الشيء الوحيد الذي بقي عندما أقفلت باب الشقة للمرة الأخيرة، هما جاربان غريبين للأطفال.
لكنَّ الجابي الحكومي غير مُظطّر في الاعتناء بهما حيثُ سيتم تنظيف الشقة دون أن يلاحظ أحدُ شيئا.
طرد الأطفال تحت الانظار
ووجدت شركة السكن التابعة لبلدية اوريبرو Örebrobostäder عند مرورها بقضايا الطرد التي تم استرجاعها خلال السنوات الثلاث الماضية على الفور، 13 حالة لأطفال غير مدرجين في الإحصاءات الرسمية.
هؤلاء هم الأطفال الذين انتقلت عائلاتهم قبل الإخلاء.
يمكن مقارنة الأرقام بحقيقة أنه خلال الفترة نفسها توجدُ عشرة حالات طرد للأطفال مسجلة لجميع أصحاب العقارات في بلدية أوريبرو بأكملها وفقاً للإحصاءات الرسمية.
وطلبت Hem & Hyra من شركات سكن عديدة في وسط السويد متابعة قضايا الإخلاء الخاصة بهم، ووجد الجميع المزيد من الأطفال الذين أجبروا على إخلاء منازلهم بمحو إرادتهم قبل طردهم.
وقد أخبرت شركات سكن عديدة صحيفة Hem & Hyra عن محاولتهم بدفع المديونين إلى الانتقال قبل إجراء عملية الطرد.
ويبدو أن الطرد يُكلّف الكثير: إفراغ الشقة والتخزين والتنظيف وتغيير الأقفال.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن لشركات السكن منع الأشخاص الذين تم طردهم من الاستئجار لسنوات عديدة قادمة. ولكن إذا انتقلت بمفردك، فإنك تحافظ على انخفاض التكلفة ويمكنك تجنب حاجز المنع.
على الرغم من الصراحة في استخدام الأرقام في النقاش حول عمليات إخلاء الأطفال.
يبدو الأمر غريباً جداً عندما تصل البلديات إلى الرقم الصفري المرغوب: لم يتم طرد الأطفال في العام الماضي، لم يتم الإبلاغ عن أي طفل تم طرده من 175 بلدية من أصل 290 بلدية في البلاد.
في بلديات عديدة، هناك حالات تم استرجاعها تتعلق بالأطفال.
– لدينا نسبة عالية عندما يتعلق الأمر بالأطفال في السويد. ولكن نظراً لأن الأرقام لا توضح عدد الأطفال الذين أُجبروا بالفعل على مغادرة منازلهم، فسيكون ذلك بمثابة تجميل للواقع. تقول بيا كيلبوم إن الأطفال الذين أُجبروا على الانتقال يشعرون بنفس الشعور السيء.
إنه اليوم الأخير من شهر مارس، والشوارع مليئة بالغبار ولا تملك وردة منزلا خاصا بها، و لا تزال تعيش مع ابنتها البالغة وحفيدها.
في الطريق إلى الحضانة، يبدو أن الطفل قلق بشأن التغيير.
كانت هذه أصعب خطوة بالنسبة للطفل صاحب الدراجة الملونة.
وتوضح وردة أن الطفل مصاب بالتوحد وأن طريقته الجديدة للتحمل هو التأرجح ببطء في عربة الأطفال. لتهدئة النفس من القلق.
لكن وفقاً للإحصاءات الرسمية، لم يُطرد الطفل من منزله.
