خمسة أضعاف الايجار العادي تُدفع لتسكين المشردين بشكل طارئ
ينظّم مصنع تقطير المشروبات في مقاطعة سكونه جنوب السويد مهرجانا في مركز تجاري في Möllevången في مدينة مالمو ويقدم مشروبات صناعة يدوية، ويوجد هنا حوالي ٣٠ صنبوراً للبيرة يملأ الكؤوس البلاستيكية للذوّاقة المجتمعين. أما بالنسبة للأنف غير المدّرب بالروائح فإنه يشمّ رائحة متخمرة وعفنة.
وخلف البار يقف صانع الجعّة Patrik Persson، البالغ من العمر ٤٦ عاما، متأملاً الطابور المحيط بباره فهو شغوف بالبيرة والقناني الموجودة في مصنعه الذي تتواجد رفوفه في Systembolaget. وفي نفس الوقت فانه رجلُ اعمالٍ ناجح في مجال العقارات، الامر الذي لا يعرفه معظم الناس.
– يقول:” أنا أفضل أن اكرّس وقتي لشركة البيرة الخاصة بي ولكنها غير مربحة”.
وتظهر الارقام التي طلبناها أنَّ شركة Malmö stad دفعت الملايين لشركة APTS förvaltning AB وLiving room hotel HB على مدار السنوات السبع الماضية، حيث اعتمدت البلدية اعتماداً كلياً على Patrik Persson وشركاته.
هذه هي قصة أموالنا الضريبية المشتركة وكيف تم تحديد نظام استئجار آخر قائم على التهرب على نظام تحديد الاسعار. فهو يتسغل الاشخاص الاكثر ضعفاً في المجتمع، لكونهم وسيلة لكسب المال.
دعونا نعيد القصة منذ البداية
تقدم البلدية تقريراً في كل خريف حول التشرّد المتزايد في مدينة مالمو مما يلقي على دائرة الخدمات الاجتماعية واجب ايجاد سقف فوق رؤوس المشردين. ولكن عندما يقف 90.000 شخصا في قائمة الانتظار الخاصة بالسكن الإقليمي، فإنها غير قادرة على حل المعضلة بمفردها على الرغم من وجود 1460 عقد تأجير خاص. وأصبح الحل الوحيد هو استئجار السكن من شركات القطاع الخاص، مقابل ملايين عدّة، ليطلق عليها اسم “ليالي الفندق” وتوصف بأنها ”حل طارئ” لكنه مكلف. هذا وقد ارتفعت التكاليف بشكل سريع، ففي العام الماضي فقط، انتهت المذكرة القياسية بمبلغ 161 مليون كرون. قد يكون نوع السكن هو النُزُل، ”مبيت وإفطار” والفنادق أو الإيجارات.
يمكننا أن نكشف أنَّ نظاما جديداً ذو ارباح كبيرة وسريعة لصاحب العقار قد خُلقَ من خلال صفقات Malmö stad والذي يلعب دور الوسيط في سوق الايجار. ففي العام الفائت كانت شركة APTSلـ Patrik Persson الاكثر اعتمادا حيث يقومون بتأجير شققهم العادية لتدفع البلدية مبالغ تصل الى خمسة أضعاف الايجارات الشهرية وبدون عقود للإيجار. فهم يحاسبون البلدية برسوم يوم كامل،(٢٤ ساعة) حتى لو استمر الامر لأسابيع وشهور أو سنوات. أما الاسعار اليومية فتبدأ من 1095 كرون وفقا لمبدأ كلما زاد عدد الاشخاص الذين يعيشون في الشقة كلما زادت أرباحها.
يقع مكتب APTS förvaltning AB بجوار مرفق لغسيل السيارات والجمعيات الثقافية والنوادي السوداء في المنطقة الصناعية في Norra Grängesbergsgatan في Malmö. ويعمل المالك وصانع البيرةPatrik Persson في مجال العقارات منذ فترة طويلة. مفهوم عمله بسيط: تأجير لمدة 24 ساعة للبلدية مع تضمين مبلغ الكهرباء والأثاث في الايجار.
هكذا يكون الأمر:
- توجد ثلاثة غرف في بيت مبنيّ من الطابوق في Almhög في شرق مدينة مالمو تعود ملكيتها لشركة عقار خاصة. ووفقا لسجل التعداد السكاني تسكن فيها إمراه تبلغ من العمر ٣٢ عاما، تحمل شهادة العلوم الاجتماعية، وبعد مفاوضات بين المالك وجمعية المستأجرين في يناير ٢٠١٨ بلغ ايجارها ٧١٠٠ كرون.
- وبعد أن انتقلت المرأة منها وخلال بضعة ايام اي بعد عيد منتصف الصيف وقعت شركة APTS عقداً خاصاً مع المالك يخصّ عشر شقق بما في ذلك الشقة المكونة من ثلاث غرف. لتدفع APTS ما يقارب ١٢ ألف كرون في الشهر لهذه الشقة.
- وفي وقت لاحق من هذه السنة، قامت APTS بتأجيرها للبلدية حيث يتم فيها وضع أناس مشردين، وقارب الايجار الشهري ٤١٨٥٠ كرون.
- وفي غضون بضعة أشهر ارتفع الايجار الى ٥٠٠٪ ودافعوا الضرائب مصدر هذه الفاتورة.
وعند طلبنا لمعلومات تخص دخل شركة Malmö stad قمنا باستلام نموذج يوضح فيه فاتورة بعد أخرى، أن شركة Malmö stad تدفع ايجارات يومية مرتفعة جدا. ففي Möllevången توجد شقة مكونة من غرفتين تستأجرها Malmö stad من شركة APTS بمبلغ ٤١٨٥٠ كرون الشهر، على الرغم من ان المبلغ الذي تم التفاوض عليه هو ٩٣١٣ كرونة، وهو الايجار نفسه الذي يتم دفعه للمالك. وفي نفس العمارة توجد العقود المباشرة التابعة لشركة Malmö stad لشقة مكونة من ثلاث غرف وبدون اي وسيط والتي تدفع لها البلدية مبلغ ٨٧٦٩ كرون شهريا.
ينظر الى هذه الحلول على انها مؤقتة على الرغم من أنَّ شركة Malmö stad تدفع لمستأجريها المشردين في اليوم الا أنهم يسكنون فيها لفترة اطول من ذلك بكثير، كما يخبرنا Patrik Persson. وهذا ما يتم تأكيده من قبل المستأجرين الذين تم التحدث إليهم ودعمتها وثائق من قبل البلدية قمنا بطلبها أيضاً.
– يقول Patrik Persson:” تقوم شركة Malmö stad بحجز فنادق إذا كان الوضع طارئاً اي لبضعة ليالي. ولو حدث و حجزنا لمدة اسبوعين من قبلنا. فنحن لا نضع اية قيود تخص مدة بقاء الأشخاص عندنا. لكن لدى Malmö stad مدة محددة أقلها شهرين وأكثرها ستة أشهر”.
يقوم ساعي البريد المتوتر بإيقاف دراجته المحمّلة بالبريد خارج عمارة في شارع جانبي هادئ بالقرب من Värnhemstorget في وقت متأخر من بعد الظهر. يضغط ساعي البريد على الرمز ويسمح لنا بدخول البوابة ويسرع بصعود السلالم. نحن نبقى في الطابق الارضي حيث توجد إحدى شقق APTS التي تستأجرها Malmö stad.
تفتح امرأة شابة الباب وتقول لنا إن أسرة مكونة من ستة أشخاص أتت إلى السويد قبل عامين. وفي العام الماضي كانوا يعيشون في هذه الشقة، وهي شقة مكونة من غرفتي نوم كبيريتين. وخلال ذلك الوقت كان الايجار اليومي للشقة هو ١٤٩٥ كرون والذي يعني أن إجمالي الإيجار وصل الآن إلى أكثر من نصف مليون كرون. لكن المرأة راضية عن APTS والشقة ولا تعرف أي شيء عن الحالة المادية التي تخص الشقة.
تعيش زهرة وحسن وأطفالهم الثلاثة الصغار في شقة كبيرة مؤلفة من غرفتي نوم في جزء آخر من المدينة وقد حصلوا عليها عن طريق APTS. لقد عاشوا هنا لأكثر من عام بعد الإقامة في الفنادق لمدة عشرة أشهر.
– تقول زهرة:” الشقة أفضل بكثير، فهي ليست صغيرة مثل الفندق ولا يجب علينا مشاركة المطابخ والحمامات مع الآخرين، والأطفال قريبون من أصدقائهم”.
ويؤكد المسؤولون في سوق العمل والخدمات الاجتماعية في مدينة مالمو على ما يظهره تحقيقنا: النظام ذو الوسطاء والتكاليف الباهظة للشقق.
– يقول Rikard Vroland رئيس قسم سوق العمل والإدارة الاجتماعية في مدينة مالمو:” يوجد الكثير من المال في هذا المجال حيث يمكنك استئجار العديد من الشقق. إذا حددت الشركة التي تبيع هذه الخدمة سعراً، فحينئذٍ تحذو حذوها أخرى، ونضطر في الوقت الحالي إلى شراء الحلول المتاحة من اللاعبين الحاليين. ويتم فتح سوق للأشخاص الذين يؤجرون هذه الشقق. هذه هي الحقيقة التي نعيشها في مالمو، إن هذا ليس جيدًا على المستوى الاقتصادي.
لماذا لا تؤجرون هذه الشقق بأنفسكم وبدون وسطاء؟
– يقول Rikard Vroland:” لدينا وحدة سكنية تعمل على الحصول على شقق خاصة بها وتقوم بعمل رائع في العثور على شقق. لكن يمكنني أن أتخيل أن هناك مالكي عقارات يضعون قيمة أكبر في التعاون مع لاعبين آخرين ويتعلق الامر قليلا بوضع السوق. لقد نشأ وضعٌ مؤسف للغاية”.
وعندما التقينا سيدات عارف من حزب الاشتراكي الديمقراطي وهو عضو المجلس البلدي ورئيس سوق العمل والمجلس الاجتماعي، لم تكن لديه أدنى فكرة عن أن Malmö stad تدفع ايجارات يومية لشقق الإيجار العادية لشهور مستمرة. سيدات غير سعيد بالمعلومات التي نعرضها عليه.
– يقول سيدات عارف:” إنه أمر لم يعلم به وإن شيء جنوني قد حصل”.
يكشف التطور المالي لـ Patrik Perssons أنَّ فكرة عمله ناجحة، حيث قام بتعيين موظف عَمِلَ سابقًا في دائرة الخدمات الاجتماعية في مدينة مالمو وقام أيضا بضم مالكي عقارات جدد بعد ذلك. ويوضح تحقيقنا أن الأمر يتعلق غالبًا بأصحاب العقارات الصغيرة، لكن الشقق تتواجد أيضًا لدى اثنين من أكبر مالكي العقارات الخاصة في المدينة، وعندما نتحقق من العناوين فإنه من الواضح من بين أشياء أخرى أن المعلومات حول الملكية تؤكدها دائرة مسح الأراضي.
– يقول: “أقوم بترتيب العقود من خلال جهات الاتصال في هذا المجال، فمن المهم الحصول على جهات اتصال شريفة فلا مال تحت الطاولة وإنما كل شيء شريف. لا يوجد ما نخفيه”.
اشترت في العام الماضي Malmö stad مساكن يومية مقابل 36.5 مليون كرونة سويدية من خلال شركته. وخلال سبع سنوات وصل هذا المبلغ إلى ما مجموعه 155 مليون كرون.
– إذا نظر المرء إلى الأرقام فقط، فقد يبدو له وكأنه كثير من المال ولكن هناك الكثير من العمل. لقد أصيب العديد من العاملين بالإرهاق الجسماني فهو عمل متعب على المدى الطويل. ونحن لا نعرف ما الذي يمكن أن يتبقى لنا الان لأنه بإمكان Malmö stad إلغاء اي شقة وفي أي وقت. وعلينا دفع كل من الإيجارات والرواتب لموظفينا.
كيف تبرر التكاليف اليومية المرتفعة لشققك مقارنة بشقق إيجار منتظمة؟
– نحن نحافظ على مستوى عمل عالٍ، ونتبع القواعد المتعلقة بالحريق والسلامة، وموظفينا مهرة. ثم هناك تآكل مستمر في أثاث الشقق من الداخل والكثير من الإدارة واللوجستيات مع المستأجرين الذين ينتقلون الينا واللغات التي تترجم.
كيف تعتقد أن أسعارك تؤثر على إيجارات الشقق في مالمو بشكل عام؟
– ليس لدي أدنى فكرة. إنه سؤال مثير للاهتمام، ويتوجب توجيهه لمالكي العقارات.
هذا وقال في ربيع عام 2019 إنَّ لديه إمكانية الوصول إلى حوالي خمسين مستأجراً في مالمو ولكنه لا يريد تحديد مكانهم من ناحية أخرى، لكننا تمكنا من معرفة مكان حوالي 20 عنوانًا من خلال المستندات الموجودة في لجنة الاستئجار والمعلومات التي طلبناها من Malmö stad وغيرها من المصادر. حيث قامت بتأجير Malmö stad نفسها في APTS وفي اسعار يومية باهظة الثمن. وحوالي عشرة من مالكي العقارات مرتبطين بهذه الصفقة في الفترة التي حققنا فيها. ولم توقع البلدية أبدًا أي اتفاقية تأجير مع APTS، وبدلاً من ذلك يمكن اعتبار تأكيد الحجوزات على أنه وثيقة كافية.
تقع مباني الشقق التابعة لـ APTS في جميع أنحاء مدينة مالمو، من Bunkeflostrand وLindängen إلى Slottstaden وMöllevången. ووجدنا عمارة في Lund أيضا يتم أدارتها ورعايتها بصورة جيدة وفي حي هادئ، وعمارة اخرى مهملة في حي فقير وتعاني من تجارة المخدرات في سلالمها المفتوحة، أو أخرى تبلغ قيمتها أعلى بست مرات أكثر من قيمة شقة الجار. ولم يلاحظ ساكنوها أي اختلافات على الإطلاق ليصبح الأمر واضحًا عندما نطرق الباب ونطرح الأسئلة:
– لا، لا أعلم من الذي يسكن هناك.
– لم أسمع اي صوت من تلك الشقة.
– للأسف، لم أعرف من هم جيراني.
يعيش صياد الشقق وصانع الجعة بنفسه في فيلا مطلية باللون الأبيض حديثًا في منطقة مثالية سهلية صغيرة خارج مدينة مالمو. بدأ مسيرته المهنية في قطاع العقارات في مكان مختلف تمامًا وفي وقت سابق. في عمارات النُزُل داخل مالمو زرعت البذرة الاولى لشيء أصبح فيما بعد أكبر بكثير وشريان حياة شركة Malmö stads الباهظ الثمن للمشردين.
– ساعدتُ أمي في إدارة الفاتورات في الشركة. لقد بدأ الأمر على نطاق صغير، ولم يكن أمرا مربحا أن يكون لديك نزل صغير.
Sana Aljazairi
صحفية ومترجمة لـ صحيفة Hem &Hyra
قمنا بتعيين الشقق التي تسيطر عليها APTS والتي استأجرتها Malmö stad. حصلنا على معلومات من قبل سجل العقارات وسجلات التفتيش ووثائق المحكمة والإدارة الاجتماعية. لقد قابلنا خبراء ومسؤولين. وقد زرنا أيضًا عددًا من العناوين في جميع أنحاء مالمو والتقينا بالسكان وفحصنا المنازل. ومن خلال جمع البيانات تمكنا من تحديد شكل النظام وشروط الإيجار والصفقات المالية.
أساس تحقيقنا هو مجموعة الأرقام التي تحدد شقة معينة، ويمكن أن تكون دائرة لمسح الاراضي أو مالك العقار بنفسه أو حتى شركة APTS. من خلال قاعدة البيانات الخاصة بنا قمنا بربط التكاليف بشقق محددة. ومن خلال معلومات دقيقة عن حجم كل شقة، تمكنا من التوصل الى الإيجار الشهري حتى لو لم يتم تحديده، وإجرينا مقارنات ومن ثم قمنا بتقريب الشهر إلى 30 يومًا في حساباتنا.
